استدعت جمعية "مغرب الثقافات" التي تشرف على مهرجان "موازين" الدولي، الذي يُنَظم في العاصمة المغربية الرباط في شهر مايو المقبل، بشكل رسمي المغنية اللبنانية نانسي عجرم لإحياء إحدى حفلات الدورة 11 من هذا المهرجان، لتكون هي المرة الأولى التي تغني فيها عجرم في عهد حكومة الإسلاميين بالمغرب.
ويأتي استدعاء المطربة اللبنانية لمهرجان موازين في سياق سياسي جديد في البلاد، حيث يقود حزب العدالة والتنمية ذو التوجه الإسلامي الحكومة الحالية، وهو الذي انتقد بشدة عندما كان في صفوف المعارضة تنظيم مثل هذه المهرجانات التي تجلب نجوم الغناء من حول العالم كل سنة، باعتبار أنها تفضي إلى ضياع الأموال الكثيرة في ما لا طائلة منه.
وكان وزير الثقافة التونسي مهدي مبروك، الذي ينتمي إلى حزب النهضة الإسلامي، قد قرر قبل أيام قليلة منع نانسي عجرم وفنانين آخرين من المشاركة في مهرجان قرطاج، بدعوى ما سماه "ديكتاتورية الذوق السليم"، في إشارة إلى الصورة السلبية التي التصقت بعجرم في ذهن الكثيرين.
مع المهرجانات.. ضد تبذير المال
ويبدو أن إسلاميي الحكومة الجديدة بالمغرب لن يسيروا على نهج إخوانهم في النهضة التونسية، فهم بعد توليهم مناصب المسؤولية أضحوا أكثر وعيا بأهمية عدم إثارة قضايا جانبية ذات طابع سلوكي وأخلاقي، أو تلك التي تتعلق بمسألة حرية الفنون والتعبير بالبلاد، حيث أكدوا عزمهم على تكريس الأولوية لمشاكل المجتمع المتفاقمة مثل معضلات التعليم والبطالة والصحة والسكن وغيرها.
وفي هذا السياق شدد القيادي في حزب العدالة والتنمية محمد يتيم على أن الحزب لم يكن طيلة مساره السياسي والنضالي ضد الفنون، ولا ضد تنظيم المهرجانات الفنية، فهي ستبقى على حالها لا يمكن منعها، حسب قوله.
ولكنه أوضح أن العدالة والتنمية يقف ضد تبذير الأموال العامة في بعض هذه المهرجانات، حيث من الأولى تخصيصها لمشاريع ذات أهداف تنموية تعود بالفائدة على المجتمع وشبابه خصوصا.
ويركز إسلاميو المغرب في الحكومة الحالية على مسألة التسيير الديمقراطي للمهرجانات التي تشهدها البلاد، فضلا عن الشفافية في الحسابات المالية خصوصا التي تُرصد لمثل هذه المهرجانات ذات الإشعاع العالمي.
ويفهم من هذه التأكيدات على أن الإسلاميين في المغرب، وهم حاليا في مناصب المسؤولية الحكومية، ينتقدون أكثر الحالات التي فيها اختلال المالي في هذه المهرجانات الغنائية، أكثر من انتقادهم لأشخاص نجوم الغناء في حد ذاتهم، والذين يحصلون على تعويضات مالية خيالية في أحيان كثيرة.
تعليمات بعدم الانتقاد
وبسبب خفوت حدة انتقادات العدالة والتنمية لمهرجان موازين الدولي هذه السنة، بخلاف السنوات الفائتة، فإن صحيفة "أخبار اليوم" كشفت في عددها اليوم أن برلمانيي الحزب قد تلقوا تعليمات من أمينهم العام عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة، بعدم الخوض في مجريات مهرجان موازين الغنائي، وتفادي انتقاده في وسائل الإعلام.
ويذكر أن التخوفات والانتقادات الكثيرة، التي كان يوجهها إسلاميو العدالة والتنمية بالأخص لمهرجان موازين الدولي، سبق أن ردت عليها جمعية "مغرب الثقافات" في الدورة المنصرمة من المهرجان، حيث أكدت أن تكاليف المهرجان تقارب 62 مليون درهم، وأنها ليس فيها من أموال الدولة سوى 4 ملايين درهم، والباقي كله من أموال الإعلانات والموارد المالية الذاتية للجهات المنظمة.
وفي سياق ذي صلة، كالت جمعية "مغرب الثقافات" المنظمة للمهرجان المديح للمغنية اللبنانية نانسي عجرم، حيث وصفتها بسفيرة الجمال والأغنية العربية، ومعشوقة الجمهور المغربي، والتي استطاعت تجاوز سقف 10 ملايين ألبوم كمبيعات في سائر أنحاء العالم، وتم اختيارها عام 2005 من طرف المجلة الأمريكية نيوزويك بصفتها المطربة الأكثر تأثيرا في العالم العربي، كما فازت بلقب المطربة الأكثر شعبية في الوطن العربي أعوام 2004 و2005 و2006.