- محمد الرسول مع نفســــــــــــه
كان رجلا عظيما , صنع العظمة ولم تصنعه، بل بنى عظمته من خلال ثقته وثباته على مبدئه في شخصية جلّلتها الأخلاق الحسنة و المعاملة المستقيمة مع العدوّ والصديق وظلّلتها صفة التواضع واليسر والسهولة بعيدا عن التعقيد وعقد التمظهر والتصنع والتكلّف .
كان صادقا مع نفسه مقتنعا بمبدئه، أهدافه محددة ورؤيته واضحة .
ثبت على مبدئه حتى بلّغ رسالته الإلهية ونشر مبادئه النبيلة التي يجهلها كثير ممّن يعاديه أو ينتقصه .
جمع جميع خصال الخير التي ترتضيها الفطرة وجميع صفات الكمال البشري الذي يأمله العقلاء ,
جمال خلقي عانق جمالا أخلاقيا وجمالا عقليا فأزهر بدرا أنار العالم وفجّر ينبوعا أعاد الحياة لبشرية أماتها الجهل والأنانية .
- محمد الرسول رجل الحق والعدالة
كان رجلا يحب الحق والعدل ويحكم به ، لا تأخذه في الحق لومة لائم ، فما كان يجامل أحدا لجاهه أو ماله أو نسبه , بل كان الضعيف قويّا عنده حتى يأخذ له حقه وكان القويّ ضعيفا عنده حتى يسترجع منه حق غيره .
وبلغ من عظمة عدله وتمسكّه بالحق أن لا يجامل حتى أحبّ الناس إليه, فقد حدث أن سرقت امرأة وجيهة في قومها واستحقت عقوبة جريمتها، فذهب أهلها إلى رجل من أتباعه - هو من أحب الخلق إليه - ليتوسّط لهم في رفع الحكم عنها, فذهب الرجل وعرض الأمر على الرسول , فغضب محمد غضبا شديدا من سعي رجل لإنتهاك حرمة العدالة بعد أن عرف الإسلام , ولو كان هذا الشخص من أحبّ الناس إليه.
فعن عائشة قالت : إن قريشا أهمّهم شأن المرأة المخزومية التي سرقت فقالوا:ومن يجترئ عليه إلا أسامة بن زيد حب رسول الله ، فكلمه أسامة ، فقال: رسول الله : ( أتشفع في حد من حدود الله ؟ ثم قام فخطب ، ثم قال:إنما أهلك الذين قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد ... )
- محمد الرسول رجل الدين والدولة
من الزعماء والعظماء عبر التاريخ حاولوا بناء مجد وتأسيس رسالة إنسانية ولكن لم يستطع أحد منهم عبر التاريخ أن يصنع للعالم نظاما متجانسا دقيقا يتعانق فيه مطلب الروح مع مطلب الجسد , بل كان الرجحان حليف أحد الأمرين.
غير أن محمدا الرسول استطاع أن يأتي بشيء جديد للعالم ، يمزج فيه الجانب الروحي بالمادي في تناغم وتناسق لم يسبق له مثيل , فبني دولة لاحياة لها بدون دين , ودينا لا يرضى عن الدولة بديلا .
لقد استطاع محمد أن يداوي جرح الروح الذي أحدثته الحياة المادية واستطاع أن يملأ فراغ المطالب المادية الذي أحدثه الإنقطاع الخاطئ إلى الروح
فكان بذلك المعلّم الروحي الصادق والسياسي النزيه والحاكم العادل , حيث وحّد قبائل متوحشة في شعب متحضّر ووحّد الشعوب في أمّة بنت المجد وصنعت الحياة تحت راية عقيدة الإله الواحد (لا إلـه إلا الله محمد رسول الله ).
- محمد الرسول رجل الذوق والجمال
ل
و سألت عن أحبّ الأشياء إلى محمد الرسول ؟ لجاءك الجواب بأنها ثلاثة أشياء بدأها بذكر الطيب , فقد كان شديد الحب للروائح الطيبة وكان يكثر استعمال العطور، ولا يتصوّر أبدا أن يشمّ منه أحد ريحا غير طيّبة.
إلى هذا أضاف محمد الرسول ذوقا رفيعا لم يضاهه فيه أحد فكان أجمل الناس مظهرا وأحسنهم مطلعا يتلألأ في ثيابه كالبدر متربعا على عرش السماء .
ومما يزيد هذا الأمر عظمة أن يظهر محمد الرسول بهذا المظهر الأخّاذ في عالم يموج بانحطاط الذوق والزهد في النظافة والتجمل.
حيث كان كالزهرة الجميلة الساحرة في الأرض الصحراء الجدباء القاحلة .
وكالنار الدافئة في الصحراء الجليدية المتجمدة ، وكينبوع الحياة في الأرض الموات.